بسم الله الرحمن الرحيم
قيل في فضل علم اللغة
يقول الثعالبي ׃
** «العربية خير اللغات والألسنة والإقبال على تفهمها من الديانة ٬إذ هي أداة العلم ومفتاح التفقه وسبب إصلاح المعاش والمعاد٬ ثم هي لإحراز الفضائل والاحتواء على المروءة٬ وسائر المناقب كالينبوع للماء والزند للنار؛ ولو لم يكن في الإحاطة بخصائصها ٬والوقوف على مجاريها و تصاريفها٬ والتبحر في جلائلها ودقائقها إلا قوة اليقين في معرفة إعجاز القرآن وزيادة البصيرة في إثبات النبوة ٬الذي هو عمدة الإيمان لكفى بها فضلا يَحسن أثرُه ويطيب في الداريْن ثمرُه». فقه اللغة ٬ ط القاهرة 1284 ﻫ ص 2 .
** يقول السيوطي ׃
« ولا شك أن علم اللغة من الدين ٬لأنه من الفروض الكفايات و به تعرف معاني ألفاظ القرآن والسنة . أخرج أبو بكر في كتاب الوقف والابتداء بسنده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه٬ قال ׃لا يقرئ القرآنَ إلا عالم باللغة ... وقال الفارابي في خطبة ديوان الأدب ׃ القرآن كلام الله وتنزيله ٬فصل فيه مصالح العباد في معاشهم ومعادهم ٬مما يأتون ويذرون٬ ولا سبيل إلى علمه وإدراك معانيه إلا بالتبحر في علم هذه اللغة. » المزهر٬ ط دار إحياء الكتب العربية ٬ ج 2 ص 302 .
**قال ابن فارس في فقه اللغة ׃
« لغة العرب أفضل اللغات وأوسعها ٬قال تعالى ׃{ وإنَّهُ لتنزيلُ ربِّ العالمين نزَلَ بهِ الرُّوح الأمِين علىَ قلبكَ لتكونَ مِن المُنذرينَ بلسانٕ عربي مُبينٕ} فوصفه سبحانه بأبلغ ما يوصف به الكلام وهو البيان ...فلما خص سبحانه اللسان العربي بالبيان علم أن سائر اللغات قاصرة عنه وواقعة دونه .» المزهر ج 1 ص 321.
** وقال كذلك في الصاحبي في فقه الله وسنن العرب في كلامها ׃
« إن العلم بلغة العرب واجبة على كل متعلق من العلم بالقرآن والسنة و الفتيا بسبب، حتى لا غنى بأحد منهم عنه. وذلك أن القرآن نازل بلغة العرب ورسول الله صلى الله عليه وسلم عربي، فمن أراد معرفة ما كتاب الله -جل وعز- وما في سنة رسول الله ( صلعم ) من كلمة عربية أو نظم عجيب لم يجد من العلم باللغة بدا » ص 64 تح د. مصطفى الشويمي بيروت 1963 .
** روى المبرد أن الحجاج في عتابه لسعيد بن جبير حين ثار عليه مع ابن الأشعث قال يخاطبه ׃ « ... أما قدِمت الكوفة وليس يؤم بها إلا عربي فجعلتك إماما ؟ قال׃ بلى . قال׃ أفما وليتك القضاء فضج أهل الكوفة وقالوا لا يصلح إلا لعربي ٬ فاستيقضت أبا بردة بن أبي موسى الأشعري وأمرته إلا يقطع أمرا بدونك ؟ قال׃ بلى . قال ׃أوَ ما جعلتك من سماري وكلهم من رؤوس العرب ...قال׃ بلى . قال׃ فما أخرجك علي ؟ الكامل ط مصر 1308 ﻫ ج 1 ص 297 .
** يقول دوسوسير ׃ «....من البديهي أن القضايا اللغوية تهم المؤرخين، الفيلولوجيين، الفلاسفة وغيرهم ممن يهتمون بمعالجة النصوص .بل الأكثر بديهية هو قيمة اللغة في الثقافة العامة عند الأفراد والجماعات ؛ إذ اللغة هي أكثر العناصر أهمية من سواها . فمن غير المقبول تماما أن تظل اللغة قضية تعني بعض المختصين فحسب. فالعالم كله لا بد أن يعتني بها إن قليلا أو كثيرا.لكنه، رغم القيمة والأولوية التي تحظى بهما اللغة في حياة الأفراد والجماعات ،فقد ظلت مجالا خصبا للأوهام والترهات ومجالا للادعاءات والأضاليل .
وكلنا يعلم مدى قيمة هذه الظواهر في الحياة النفسية لدى الفرد والمجتمع ،ومدى خطورة هذه الأخطاء؛ لذا فاللسانيات تحمل على عاتقها مسؤولية الكشف عن هذه الأخطاء والتصريح بها ثم تفنيدها ومحوها بأكبر قدر ممكن .» دروس في اللسانيات العامة ص 21-22 .
** ومن الأمثلة على التصورات المضللة ما يلي ׃
يقول ديدرو (1751) ׃« لغتنا القائمة لها الفضل على اللغات الأخرى بأنها جمعت بين الجميل والمفيد... فالفرنسية قد خلقت للعِلم، بينما خلقت اللغات الإغريقية واللاتينية والإيطالية والإنجليزية للآداب ولها السبْق في ذلك ....إن العقل السليم ليختار اللغة الفرنسية؛ بينما ...يولي الخيال والوجدان عناية كبرى للغات القديمة ولغات جيراننا ...يجب التحدث بالفرنسية في المجتمع وفي مدارس الفلسفة، أما الإغريقية واللاتينية والإنجليزية فتصلح للمنابر والمسارح ؛...ستكون لغتنا لغة الحق لو كتِب لها أن تبعث في الأرض ...و الإغريقية واللاتينية والأخريات لغات الباطل والخرافة .خلقت الفرنسية للتكوين و التنوير والإقناع .وخلقت الإغريقية واللاتينية والإيطالية والإنجليزية للإيحاء والإثارة والمغالطة . فأما بالإغريقية واللاتينية والإيطالية فخاطبوا الشعب، وأما بالفرنسية فخاطبوا الحكيم . » رسالة حول الصم والبكم ط باريس 1875 ج 1 ص 371-372 .
** للمقارنة نورد كلام ابن فارس ׃
«...وإن أردت أنَّ سائر اللغات تُبين إبانة اللغة العربية فهذا غلط؛ لأنا لو احتجنا إلى أن نعبر عن السيف وأوصافه باللغة الفارسية لما أمكننا ذلك إلا باسم واحد؛ ونحن نذكر للسيف بالعربية صفات كثيرة، وكذلك الأسد والفرس وغيرهما من الأشياء المسميات بالأسماء المترادفة. فأين هذا من ذاك ؟ وأين سائر اللغات من السَّعة ما للغة العرب ؟ هذا ما لا خفاء به على ذي نهيَة .» المزهر ج 1 ص 322