منتدى بيسان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى بيسان

منتدى اسلامى
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 نشأة علم الدلالة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
الحنيف
العضو الذهبى
العضو الذهبى
الحنيف


المساهمات : 98
تاريخ التسجيل : 25/11/2007

نشأة علم الدلالة Empty
مُساهمةموضوع: نشأة علم الدلالة   نشأة علم الدلالة Emptyالأحد ديسمبر 02, 2007 2:27 pm

أولاً- نشأة علم الدلالة 1-نشأة علم الدلالة: المسار التطوري التاريخي:

لقد استقطبت اللغة اهتمام المفكرين منذ أمد بعيد، لأن عليها مدار حياة مجتمعاتهم الفكرية والاجتماعية، وبها قوام فهم كتبهم المقدسة، كما كان شأن الهنود قديماً حيث كان كتابهم الديني (الفيدا) منبع الدراسات اللغوية والألسنية على الخصوص التي قامت حوله، ومن ثمة غدت اللسانيات الإطار العام الذي اتخذت فيه اللغة مادة للدراسة والبحث. وكان الجدل الطويل الذي دار حول نشأة اللغة قد أثار عدة قضايا تعد المحاور الرئيسية لعلم الألسنية الحديث فمن جملة الآراء التي أوردها العلماء حول نشأة اللغة قولهم: "بوجود علاقة ضرورية بين اللفظ والمعنى شبيهة بالعلاقة اللزومية بين النار والدخان."(1) إن المباحث الدلالية قد أولت اهتماماً كبيراً علاقة اللفظ بالمعنى، وارتبط هذا بفهم طبيعة المفردات والجمل من جهة وفهم طبيعة المعنى من جهة أخرى، فلقد درس الهنود مختلف الأصناف التي تشكل عالم الموجودات، وقسموا دلالات الكلمات بناء على ذلك إلى أربعة أقسام:‏

1-قسم يدل على مدلول عام أو شامل (مثل لفظ: رجل)‏

2-قسم يدل على كيفية (مثل كلمة: طويل)‏

3-قسم يدل على حدث (مثل الفعل: جاء)‏

4-قسم يدل على ذات (مثل الاسم: محمد)(2)‏

إن دراسة المعنى في اللغة بدأ منذ أن حصل للإنسان وعي لغوي، فلقد كان هذا مع علماء اللغة الهنود، كما كان لليونان أثرهم البين في بلورة مفاهيم لها صلة وثيقة بعلم الدلالة، فلقد حاور أفلاطون أستاذه سقراط حول موضوع العلاقة بين اللفظ ومعناه، وكان أفلاطون يميل إلى القول بالعلاقة الطبيعية بين الدال ومدلوله، أما أرسطو فكان يقول باصطلاحية العلاقة، وذهب إلى أن قسم الكلام إلى كلام خارجي وكلام داخلي في النفس، فضلاً على تمييزه بين الصوت والمعنى معتبراً المعنى متطابقاً مع التصور الذي يحمله العقل عنه. وقد تبلورت هذه المباحث اللغوية عند اليونان حتى غدا لكل رأي أنصاره من المفكرين فتأسست بناء على ذلك مدارس أرست قواعد هامة في مجال دراسة اللغة كمدرسة الرواقيين.(3) ومدرسة الاسكندرية ثم كان لعلماء الرومان جهد معتبر في الدراسات اللغوية خاصة ما تعلق منها بالنحو، وإليهم يرجع الفضل في وضع الكتب المدرسية التي بقيت صالحة إلى حدود القرن السابع عشر بما حوته من النحو اللاتيني، وبلغت العلوم اللغوية من النضج والثراء مبلغاً كبيراً في العصر الوسيط مع المدرسة السكولائية (Scolastique) والتي احتدم فيها الصراع حول طبيعة العلاقة بين الكلمات ومدلولاتها، وانقسم المفكرون في هذه المدرسة إلى قائل بعرفية العلاقة بين الألفاظ ودلالاتها وقائل بذاتية العلاقة.‏

وبقي الاهتمام بالمباحث الدلالية يزداد عبر مراحل التاريخ، ولم يدخر المفكرون أي جهد من أجل تقديم التفسيرات الكافية لمجمل القضايا اللغوية التي فرضت نفسها على ساحة الفكر، ففي عصر النهضة، أين سادت "الكلاسيكية" بأنماطها في التفكير والتأليف امتازت الدراسات اللغوية في هذه المرحلة بالمنحى المنطقي العقلي، وأحسن من يمثل هذه الفترة رواد مدرسة (بوررويال) الذين رفعوا مقولة: أن اللغة ما هي إلا صورة للعقل، وأن النظام الذي يسود لغات البشر جميعاً قوامه العقل والمنطق.(4)‏

وفي حدود القرن التاسع عشر الميلادي، تشعبت الدراسات اللغوية، فلزم ذلك تخصص البحث في جانب معين من اللغة، فظهرت النظريات اللسانية وتعددت المناهج، فبرزت الفونولوجيا التي اهتمت بدراسة وظائف الأصوات إلى جانب علم الفونتيك الذي يهتم بدراسة الأصوات المجردة، كما برزت الأتيمولوجيا التي اعتنت بدراسة الاشتقاقات في اللغة، ثم علم الأبنية والتراكيب الذي يختص بدراسة الجانب النحوي وربطه بالجانب الدلالي في بناء الجملة.‏

وفي الجانب الآخر من العالم، كان المفكرون العرب قد خصصوا للبحوث اللغوية حيزاً واسعاً في إنتاجهم الموسوعي الذي يضم إلى جانب العلوم النظرية كالمنطق والفلسفة علوماً لغوية قد مست كل جوانب الفكر عندهم، سواء تعلق الأمر بالعلوم الشرعية كالفقه والحديث، أو علوم العربية، كالنحو والصرف والبلاغة، بل إنهم كانوا يعدون علوم العربية نفسها وتعلمها من المفاتيح الضرورية للتبحر في فهم العلوم الشرعية، ولذلك "تأثرت [العلوم اللغوية] بعلوم الدين وخضعت لتوجيهاتها. وقد تفاعلت الدراسات اللغوية مع الدراسات الفقهية، وبنى اللغويون أحكامهم على أصول دراسة القرآن والحديث والقراءات، وقالوا في أمور اللغة بالسماع والقياس والإجماع والاستصلاح تماماً كما فعل الفقهاء في معالجة أمور علوم الدين".(5) ولما كانت علوم الدين تهدف إلى استنباط الأحكام الفقهية ووضع القواعد الأصولية للفقه، اهتم العلماء بدلالة الألفاظ والتراكيب وتوسعوا في فهم معاني نصوص القرآن والحديث. واحتاج ذلك منهم إلى وضع أسس نظرية، فيها من مبادئ الفلسفة والمنطق ما يدل على تأثر العرب بالمفاهيم اليونانية ولذلك يؤكد عادل الفاخوري أنه "ليس من مبالغة في القول إن الفكر العربي استطاع أن يتوصل في مرحلته المتأخرة إلى وضع نظرية مستقلة وشاملة يمكن اعتبارها أكمل النظريات التي سبقت الأبحاث المعاصرة."(6) فالأبحاث الدلالية في الفكر العربي التراثي، لا يمكن حصرها في حقل معين من الإنتاج الفكري بل هي تتوزع لتشمل مساحة شاسعة من العلوم لأنها مدينة "للتحاور بين المنطق وعلوم المناظرة وأصول الفقه والتفسير والنقد الأدبي والبيان."(7) هذا التلاقح بين هذه العلوم النظرية واللغوية هو الذي أنتج ذلك الفكر الدلالي العربي، الذي أرسى قواعد تعد الآن المنطلقات الأساسية لعلم الدلالة وعلم السيمياء على السواء، بل إنك لا تجد كبير فرق بين علماء الدلالة في العصر الحديث وبين علماء العرب القدامى الذين ساهموا في تأسيس وعي دلالي هام، يمكن رصده في نتاج الفلاسفة واللغويين وعلماء الأصول والفقهاء والأدباء، "فالبحوث الدلالية العربية تمتد من القرون الثالث والرابع والخامس الهجرية إلى سائر القرون التالية لها، وهذا التأريخ المبكر إنما يعني نضجاً أحرزته العربية وأصّله الدارسون في جوانبها.

إن هذه الجهود اللغوية في التراث العربي لأسلافنا الباحثين، وتلك الأبحاث التي اضطلع بها اللغويون القدامى من الهنود واليونان واللاتين وعلماء العصر الوسيط وعصر النهضة الأوروبية، فتحت كلها منافذ كبيرة للدرس اللغوي الحديث وأرست قواعد هامة في البحث الألسني والدلالي، استفاد منها علماء اللغة المحدثون بحيث سعوا إلى تشكيل هذا التراكم اللغوي المعرفي في نمط علمي يستند إلى مناهج وأصول ومعايير، وهو ما تجسم في تقدم العالم الفرنسي (ميشال بريال M.Breal) في الربع الأخير من القرن التاسع عشر إلى وضع مصطلح يشرف من خلاله على البحث في الدلالة، واقترح دخوله اللغة العلمية، هذا المصطلح هو "السيمانتيك" يقول بريال: "إن الدراسة التي ندعو إليها القارئ هي نوع حديث للغاية بحيث لم تسم بعد، نعم، لقد اهتم معظم اللسانيين بجسم وشكل الكلمات، وما انتبهوا قط إلى القوانين التي تنتظم تغير المعاني، وانتقاء العبارات الجديدة والوقوف على تاريخ ميلادها ووفاتها، وبما أن هذه الدراسة تستحق اسماً خاصاً بها، فإننا نطلق عليها اسم "سيمانتيك" للدلالة على علم المعاني.(9)‏

إن العالم اللغوي (بريال) انطلق- دون ريب- في تحديد موضوع علم الدلالة ومصطلحه من جهود من سبقه من علماء اللغة الذين وفروا مفاهيم مختلفة تخص المنظومة اللغوية من جميع جوانبها يقول الدكتور كمال محمد بشر: "إن دراسة المعنى بوصفه فرعاً مستقلاً عن علم اللغة، قد ظهرت أول ما ظهرت سنة 1839، لكن هذه الدراسة لم تعرف بهذا الاسم (السيمانتيك) إلا بعد فترة طويلة أي سنة 1883 عندما ابتكر العالم الفرنسي (م.بريال) المصطلح الحديث."(10) إلا أن المؤرخين اللغويين لظهور علم الدلالة يجمعون على أن فضل (بريال) يكمن في تخصيصه كتاباً استقل بدراسة المعنى هو كتاب (محاولة في علم المعاني) بسط فيه القول عن ماهية علم الدلالة، وأبدع منهجاً جديداً في دراسة المعنى هو المنهج الذي ينطلق من الكلمات نفسها لمعاينة الدلالات دون ربط ذلك بالظواهر اللغوية الأخرى. ويمكن أن نرسم معالم هذا المنهج اللغوي الجديد انطلاقاً من النص الذي أورده (بريال) في سياق تعريفه بعلم الدلالة:‏

أولاً: إذا كانت اللسانيات تهتم بشكل الكلمات، فإن علم الدلالة (السيمانتيك) يهتم بجوهر هذه الكلمات ومضامينها.‏

ثانياً: الهدف الذي ينشده علم الدلالة هو الوقوف على القوانين التي تنتظم تغيّر المعاني وتطورها، والقواعد التي تسير وفقها اللغة، وذلك بالاطلاع على النصوص اللغوية بقصد ضبط المعاني المختلفة بأدوات محددة وفي هذا سعي حثيث إلى التنويع في التراكيب اللغوية لأداء وظائف دلالية معينة، وهذا التنويع هو الذي يثري اللغة إثراء يحفظ أصول هذه اللغة، ولا يكون حاجزاً أمام تطورها وتجددها ويمكن في خضم البحث عن هذه النواميس "خلق" نواميس لغوية جديدة لكي تشرف على النظام الكلامي بين أهل اللغة لأن "عالم اللسان يكون همه الوعي باللغة عبر إدراك نواميس السلوك الكلامي"!!(11)‏

ثالثاً: اتباع المنهج التطوري التأصيلي الذي يقف على ميلاد الكلمات ويتتبعها في مسارها التاريخي، وقد يردها إلى أصولها الأولى "لأن اللغة مؤسسة اجتماعية تحكمها نواميس مفروضة على الأفراد، تتناقلها الأجيال بضرب من الحتمية التاريخية، إذ كل ما في اللغة- راهناً- إنما هو منقول عن أشكال سابقة هي الأخرى منحدرة من أنماط أكثر بدائية، وهكذا إلى الأصل الأوحد أو الأصول الأولية المتعددة"(12) فالنظام اللغوي، نظام متجدد ما دامت الكلمات لا تخضع لقانون ثابت يلزمها بمدلولاتها، فاللغة تنتظمها نواميس خفية تعود إلى اقتضاءات تعبيرية هي جزء من النظام الكلي الذي تسير وفقه اللغة، وتصرف دلالات تراكيبها.‏

هذه النقاط الثلاث هي الأطر الكبرى التي يندرج ضمنها منهج (ميشال بريال) في علم الدلالة ومعه تحديد لمجمل فروع البحث في هذا المجال.‏


عدل سابقا من قبل في الأحد ديسمبر 02, 2007 2:30 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحنيف
العضو الذهبى
العضو الذهبى
الحنيف


المساهمات : 98
تاريخ التسجيل : 25/11/2007

نشأة علم الدلالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: نشأة علم الدلالة   نشأة علم الدلالة Emptyالأحد ديسمبر 02, 2007 2:29 pm

-بين علم الدلالة وعلم اللسانيات:‏

إن نشأة علم الدلالة، لم تكن نشأة مستقلة عن علوم اللغة الأخرى. إنما كان يعد هذا العلم جزءاً لصيقاً بعلم اللسانيات الذي كان يهتم بدراسة اللسان البشري، إلا أن عدم اهتمام علماء اللسانيات بدلالة الكلمات- كما أشار إلى ذلك (بريال)- هو الذي كان دافعاً لبعض العلماء اللغويين إلى البحث عن مجال علمي يضم بحثاً في جوهر الكلمات ودلالاتها، لكي يحددوا ضمنه موضوعاته ومعاييره وقواعده ومناهجه وأدواته وما كان ذلك يسيراً خاصة إذا علمنا ذلك التداخل المتشابك الذي كان يجمع بين علوم اللغة مجتمعة وعلم الألسنية الذي ذهب علماؤه إلى تفريعه إلى مباحث جمعت بين حقول مختلفة من العلوم كما هو شأن اللسانيات النفسية (psycolinguistique)، ومبحث اللسانيات العصبية neuro-linguistique وما إلى ذلك. إن العلم اللساني كان يهتم بوصف الجوانب الصورية للغة ويتجنب الخوض في استبطان جوهر الكلمات ومعانيها الذي أصبح من اهتمامات علم الدلالة (الحديث)، ثم إن ضرورة الإحاطة ببعد اللغة الاجتماعي والثقافي والنفسي وتتبع سيرورة المعنى الديناميكي كل هذه حواجز وقفت أمام علماء اللسانيات، فاستبعدوا بذلك الخوض في دراسة المعنى وركزوا بحوثهم على شكل الكلمات، إلى أن برز علم الدلالة ليسد هذا الفراغ في الدراسات اللغوية من جهة ويعمق البحث في الجانب الدلالي للغة من جهة أخرى، ويجتاز تلك الحواجز التي حالت دون أن يخوض اللسانيون في دراسة المعنى، "لأن علم الدلالة هو ميدان يتجاوز حدود اللسانيات التي يتعين عليها وصف الجوانب الصورية للغة قبل كل شيء، فالدلالة ليست ظاهرة لغوية صرفاً وإذا كان بالإمكان بناء الحقول الدلالية فإنه ينبغي آنذاك الاعتماد على المعطيات الخارجية فقط.. (…)‏

إن بعد اللغة الاجتماعي والثقافي من العوائق التي تقف أمام الدراسات الدلالية الحديثة ويمكن تحديد ذلك فيما يلي:‏

أ- تعدد القيم الحافة بدلالة الألفاظ المركزية.‏

ب- إن دلالة اللفظ ليست ظاهرة قارة ذلك أنه يمكنها أن تعتني دوماً بحسب التجارب الجديدة (اللغوية وغيرها التي يخبرها المتكلم)"(13).‏

إن هذه المباحث المتشعبة التي هي من صميم اهتمامات علم الدلالة، هي التي دفعت علماء الألسنية ومنهم التوزيعيين(14) إلى إبعاد دراسة الدلالة من اللسانيات. والحقيقة التي لا مراء فيها أن دراسة المعنى لم تخل منه أي مباحث لغوية سواء أكانت قديمة أم حديثة، ذلك أنه لا يمكن تصور دراسة الكلمات وهي جوفاء خالية من الدلالات. وهذا ما عبر عنه سوسير في سياق حديثه عن الدال والمدلول وشبه اتحاد الكلمات ودلالتها بوجهي الورقة الواحدة.‏

إن علم الدلالة كمبحث من المباحث اللغوية حسب ماهية اللسانيات، يهتم بحلقة من حلقات علم اللسان البشري، هذه الحلقة تكمن في المظهر الإبلاغي وما يتعلق به، فالرسالة الإبلاغية هي التي تضطلع بنقل دلالة الخطاب إلى المتلقي بحيث يتم- في الحالات العادية- استيعابها استيعاباً كافياً، "فالدراسة اللسانية لا تقف عند تشخيص الحدث اللغوي في مستواه الأدائي، ولكن في سلكه الدائري إذ تهتم اللسانيات بتولد الحدث وبلوغه وظيفته ثم بتحقيقه مردوده عندما يولد رد الفعل المنشود، وهكذا يكون موضوع علم اللسان اللغة في مظهرها الأدائي ومظهرها الإبلاغي وأخيراً في مظهرها التواصلي.(15)‏

لقد ولجت اللسانيات كل مجالات الاتصالات الإنسانية حتى غدت ملتقى لكل العلوم الإنسانية واعتمدت في الخطاب بأنواعه، ولا يمكن أن نقيم هذا الدور الرائد في مجالات الحياة للألسنية دون أن نقر بحضور الدلالة في ذلك، كفرع أساسي ومهم في فعالية الخطاب "فاللسانيات تستلهم الظاهرة اللغوية ونواميسها من مصادر لسانية وغير لسانية فتعمد إلى إجراء مقطع عمودي على كل منتجات الفكر، بمنظور مخصوص فبعد البحث عن خصائص الخطاب الإخباري والخطاب الشعري الأدبي، تعمد اللسانيات إلى دراسة نواميس الخطاب العلمي والقضائي والإشهاري والديني والمذهبي.(16)‏

ولم يكن للألسنية هذا الاهتمام الواسع باللغة الإنسانية، إلا بعد أن ظهرت في أوربا مدارس بنيوية عاينت الظاهرة اللغوية من كل جوانبها: الجانب الصوتي، والجانب المعجمي، والجانب التركيبي والجانب الدلالي، واستقر لديها أن "الألسنية هي دراسة اللغة بحد ذاتها دراسة علمية، وتحليل خصائصها النوعية، بغية الوصول إلى نواميس عملها"(17). وأن "اللغة تنظيم، وهذا التنظيم وظيفي، يتوسله الإنسان للتعبير عن أغراضه ولعملية التواصل" فلم تعد الألسنية تهتم بشكل الكلمات فحسب، بل أعطت لجوهر هذه الكلمات أهمية كبيرة، وذلك بعد ما تأكد لدى علماء الألسنية، أن البحث الألسني يبقى ناقصاً ما لم يهتم بجوانب اللغة جميعها، ويظل حكمه على الظواهر اللغوية يفتقد إلى طابع المعيارية التي تسم ديناميكية اللغة وفعاليتها بسمة التقعيد. ولم يحصل هذا الوعي اللغوي في البحث الألسني إلا مع العلماء اللغويين المتأخرين كالعالم الأمريكي "بلومفيلد" الذي كان يرى أن الدراسة الألسنية، لا تنحصر بدراسة الأصوات والدلالات اللغوية بذاتها، بل تشمل دراسة الارتباط القائم بين أصوات معينة ودلالات معينة (…)، وجدير بالذكر أن مفهوم ارتباط الصوت اللغوي بالدلالة، قد تبنته الألسنية بصورة عامة.

وبعد هذا التزاوج الذي لزم علم الألسنية الأخذ به، تبين لعلماء اللغة المحدثين أن الجانب الدلالي في اللغة لا يزال البحث فيه هزيلاً كما كان في القديم، وأنه محتاج إلى نظرة أخرى على مستوى البحث وعلى مستوى المنهج، رغم ما قدمته العلوم المستحدثة من نظريات أنارت جوانب مهمة من علم الدلالة كنظريات الإعلام والتواصل والمعلوماتية. يقول في ذلك الكاتبان: ريمون طحان ودينر بيطار طحان: "يقترن الكلام أو الأصوات، بنظريات الدلالة العامة، وكان علم الدلالة الجزء الهزيل من النظريات الألسنية، وقد أصبح يفضل نظريات الإعلام والتواصل والمعلوماتية، مزوداً بمؤشرات سليمة منها أن المتكلمين بلغة واحدة يتبنون المعنى الواحد في الكلام الواحد أو الجملة الواحدة"(19).‏

وبعد ذلك توفر لعلم الدلالة وجود مستقل، وإن بقيت تربطه بعلوم اللغة الأخرى- وخاصة الألسنية- وشائج تتجلى بصورة واضحة في مجالات البحث. حيث يبرز التقاطع بين هذه العلوم مجتمعة. ولكن ما يميز البحث الدلالي، هو عمق الدراسة في معنى الكلمات والتراكيب متخذاً في ذلك منهجاً خاصاً يتوخى المعيارية في اللغة والكلام، "والعلوم إذا اختلفت في المنهج تباينت في الهوية وقوام العلوم ليست فحسب مواضيع بحثها وإنما يستقيم العلم بموضوع ومنهج".(20) وتبعاً لذلك اتسع نطاق البحث الدلالي، وأحرز علماء العرب سبقاً في هذا المجال حيث برز لغويون كثيرون وضعوا نظريات مختلفة وأرسوا بذلك قواعد أضحت مدارس دلالية، تنظر إلى قضية "المعنى" بنظريات مختلفة، وداخل المنهج الأوحد للبحث الدلالي ظهرت مناهج فرعية رأى أصحابها نجاعتها في تقديم الأجوبة الكافية لمختلف المسائل التي طرحت في الدراسات الدلالية، والتي عجز عنها البحث اللغوي قبلها، ولكن ما هي القضايا الأساسية التي طرحها الدرس الدلالي الحديث؟ وما هي المباحث اللغوية التي اختص بها علم الدلالة حتى غدت مجالاً خاصة به، تعبر عن خصوصية هذا العلم واستقلاله عن بقية العلوم اللغوية الأخرى؟‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحنيف
العضو الذهبى
العضو الذهبى
الحنيف


المساهمات : 98
تاريخ التسجيل : 25/11/2007

نشأة علم الدلالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: نشأة علم الدلالة   نشأة علم الدلالة Emptyالأحد ديسمبر 02, 2007 2:37 pm

الدلالة في تعريفات العلماء المحدثين: (المصطلح والأبعاد)

لقد حدث تطور كبير في مفاهيم المصطلحات القديمة في العصر الحديث، واتخذت أبعاداً أخرجتها من تلك الدراسة "الأولية" ووسعت مجال البحث فيها، ومصطلح "الدلالة" هو من ضمن تلك المصطلحات التي تبلورت مفاهيمها في العصر الحديث وشملت الدراسة فيها ميادين عدة من حياة الناس، بل أضحت ملتقى لاهتمامات كثير من المعارف الإنسانية الحديثة، بدءاً بعلم النفس ثم علم الاجتماع والمنطق وعلوم الاتصال والإشارة. وإن هذه الصورة التي برز فيها علم الدلالة كأساس لعدة معارف حديثة هي نتاج للدراسة اللغوية المتخصصة ذلك "أن معالجة قضايا الدلالة بمفهوم العلم، وبمناهج بحثه الخاصة وعلى أيدي لغويين متخصصين إنما تعد ثمرة من ثمرات الدراسات اللغوية الحديثة."(1)‏

وتبعاً لاتساع مجالات البحث الدلالي الحديث، فلم تعد الدلالة حكراً على النظام اللغوي وحسب، وإنما شملتها أنظمة سيميولوجية أزاحت الهيمنة اللغوية بل صارت معها في البحث جنباً إلى جنب، ومع ذلك بقيت اللغة إحدى أنجع وسائل نظام الإبلاغ والتواصل والخطاب، وأقدرها على الإطلاق على التجديد والتطور والتكيف بل لا مندوحة من القول أن الأنظمة السيميولوجية التي تتخذ العلامة المطلقة كمدخل أساسي لأي مستوى من مستويات الدراسة الدلالية، لا تستغني في الأحوال الغالبة عن اللغة خاصة على مستوى القراءة التعليلية التبيينية.‏

ومقاربة لماهية الدلالة وحقولها الدراسية في العصر الحديث، عجنا نسائل البحث الدلالي عند لفيف من اللغويين وذلك بقصد رسم إطار بين تتضح من خلاله معالم الدرس الدلالي الحديث إن على مستوى الماهية والمصطلح وما أفرزه من تفريعات زادت من توسيع دائرة البحث الدلالي، أو على مستوى الأبعاد والمشروع الذي تأسس بناء على اختلاف الرؤى والأهداف بين مجموع المشتغلين في حقل البحث الدلالي والسيميولوجي العام." يرمي [هذا المشروع السيميولوجي] من وجهة نظر "إينو" إلى تأسيس وعي بنيوي للاستقراء الدلالي."(2) ولأن حلقة تأسيس الدرس الدلالي لم تكتمل دائرتها بعد، اقتصرنا في مساءلتنا لمعالم البحث الدلالي الحديث على بعض اللغويين الذين بدأت معهم عملية التأسيس والتشكيل والتقعيد، وبعض المشتغلين في حقول النقد والأدب حيث غدا عندهم الدرس الدلالي السيميائي أحد أهم المناهج النقدية الحديثة.‏

أ-ماهية الدلالة بين الوصفية والمعيارية:‏

بدأ البحث الدلالي في العصر الحديث بمنهج وصفي يعاين جزئيات الظاهرة اللغوية معاينة وصفية تعتمد طريقة الملاحظة والتحليل فالاستنتاج. وهي طريقة تعد امتداداً "لمنهج" البحث اللغوي القديم. ثم ارتقى الدرس الدلالي إلى مرحلة محاولة التنظير والتقعيد، فغدا يعتمد على المنهج المعياري وذلك لنزوع الباحثين اللغويين نحو تشكيل معالم مشروع دلالي بدءاً ببلورة جهود السابقين في ميدان البحوث اللغوية المختلفة، وارتقاء إلى "بناء هيكل نظري ينظم الركام الذي هو هيئة المعلومات السابقة، وبهذا تغدو الدراسة مقدمة لتاليات لها فيدفع العلم خطوات إلى حقول جديدة".(3) هذا الاندفاع نحو بناء وعي دلالي يساهم في تشكيله علماء محدثون تعددت رؤاهم وتكاملت جهودهم التي عكفوا من خلالها على إبراز اللغة بمفهومها العام، نظاماً لتحقيق التواصل والإبلاغ فبحثوا جزئياتها وغاصوا في عوالمها مستعينين في سبيل ذلك بعلوم أخرى، فتوسعت مجالات البحث اللغوي وغدا المبحث الدلالي ملتقى لعلوم إنسانية واجتماعية وأدى ذلك إلى تنوع الدراسات، وإذا رمنا حصر العلماء الذين ساهموا في تشكيل معالم الدرس الدلالي والسميولوجي الحديث فإنه يعجزنا ذلك.‏

وقصدا إلى تقديم صورة لماهية الدلالة في العصر الحديث استجمعنا آراء للفيف من اللغويين والمشتغلين في حقل الأدب والنقد.‏

لقد أعلن بريال ميلاد علم يختص بجانب المعنى في اللغة وهو علم الدلالة الذي أتى ليسد تلك الثغرة في الدراسات اللغوية التي كانت تهتم بشكل الكلمات ومادتها، أما دراسة المعنى فيها فتمثل الجانب الهزيل قال بريال: "إن الدراسة التي ندعو إليها القارئ هي من نوع حديث للغاية بحيث لم تسم بعد، نعم، لقد اهتم معظم اللسانين بجسم وشكل الكلمات وما انتبهوا قط إلى القوانين التي تنظم تغيّر المعاني وانتقاء العبارات الجديدة والوقوف على تاريخ ميلادها ووفاتها. وبما أن هذه الدراسة تستحق اسماً خاصاً بها فإننا نطلق عليها اسم semantique) للدلالة على علم المعاني(4) " فعلم الدلالة- عند العالم بريال- يعني بتلك القوانين التي تشرف على تغير المعاني، ويُعاين الجانب التطوري للألفاظ اللغوية ودلالاتها، ويكون بريال بذلك أول من وجه الاهتمام إلى دراسة المعاني ذاتها، لكن أهمية التفاتة بريال إلى جوهر الكلمات لم تقدر حق قدرها قبل محاولة الانجليزيين أوجدن C.K.Orgdon) وريتشاردز I.A.Richards) اللذين أحدثا ضجة في الدراسة اللغوية بإصدار كتابهما عام 1923 تحت اسم "معنى المعنى" وفيه تساءل العالمان عن ماهية المعنى من حيث هو عمل ناتج عن اتحاد وجهي الدلالة أي الدال والمدلول(5) . وأضحى علم الدلالة ابتداء من ذلك يهتم بالصورة المفهومية، باعتبار أن لا علاقة مباشرة بين الاسم ومسماه، إنما العلاقة المباشرة تربط الدال بالمحتوى الفكري الذي في الذهن يقول مازن الوعر في هذا الصدد في تقديمه لكتاب "علم الدلالة" لبيار جيرو: "إذا كانت الصوتيات واللغويات تدرسان البنى التعبيرية وإمكانية حدوثها في اللغة، فإن الدلاليات تدرس المعاني التي يمكن أن يعبر عنها من خلال البنى الصوتية والتركيبية"(6) .‏

ويوضح سالم شاكر أكثر فيقول: "إن علم الدلالة يعني بظواهر مجردة هي الصورة المفهومية"(7) . ونزع علم الدلالة في العصر الحديث إلى تمثل المنهج الوصفي في بعض مراحل الدراسة خاصة فيما يتعلق برصد تطور الدلالة وتغيرها وبناء الحقول الدلالية يقول ميشال زكريا: "أما علم الدلالات فهو مستوى من مستويات الوصف اللغوي، ويتناول كل ما يتعلق بالدلالة أو بالمعنى فيبحث مثلاً في تطور معنى الكلمة ويقارن بين الحقول الدلالية المختلفة".

إن المجال الواسع الذي حظيت به الدراسات الدلالية الحديثة، يرجع بالأساس إلى تلك الأطر المميزة التي رسمها العالمان أوجدن وريشاردز وبعدهما بريال، ومع تقدم الدراسة بدأت البحوث الدلالية تشهد عقبات تكمن صعوبتها في استحالة حصرها، وتحديدها من ذلك أن عكف الدرس الدلالي الحديث على البحث في ماهية الصورة المفهومية، بحيث استحال معها الإحاطة بكل ما يشكل عالم المتكلم حتى يمكن فهم وإدراك المحتوى الفكري المجرد. يقول كولردج) محدداً مجال البحث الجديد لعلم الدلالة: "ولا يتضمن معنى اللفظة في رأيي مجرد الموضوع الذي يقابلها، بل يشمل أيضاً جميع الارتباطات التي تبعثها اللفظة في أذهاننا فطبيعة اللغة لا تمكنها من نقل الموضوع فحسب، وإنما تجعلها أيضاً تنقل شخصية المتكلم الذي يعرض الموضوع ونواياه".(9)‏

إن الحديث عن البنى العميقة التي تتحكم في إنتاج الدلالة من وجهة نظر مجردة، يبقى بعيد المرام، ولذلك فإن جل علماء الدلالة والسيمياء المحدثين يركزون أبحاثهم أكثر، على ما يحيط عملية تأدية الدلالة من ظواهر منطقية نفسية. يقول بيار جيرو موضحاً ذلك: "ويبقى علم الدلالة بالنسبة لبريال واتباعه متجهاً نحو السمات المنطقية، النفسية والتاريخية للظواهر أكثر من اتجاهه نحو عللها اللسانية".(10)‏

لقد خطا العالمان كاتر وفودر بالبحث الدلالي خطوة بعيدة إذ تناولاه من ناحية تفاعل مركبات الحدث الكلامي، بل إنهما طرحا إشكالية أساسية تتمحور حول تخصيص العلاقة التي يمكن إقامتها بين صورة الجملة ودلالتها في لغة معينة في غياب النحو، إذ قد تصل العملية التواصلية التي تضطلع بأمر نقل الدلالة إلى مستوى من التعقيد لا يمكن للنحو أن يشرح فيه ذلك، لأن السيمانتيك من وجهة نظر هذين العالمين يتناول قدرة المتكلم على إرسال وفهم الجمل الجديدة في ميدان يعجز عن شرحها النحو(11) . إن الأبعاد التي اتخذها البحث الدلالي الحديث عبر دراسات معمقة، أخرجت النظريات الدلالية والفرضيات العلمية اللسانية من مجال التخمين والتقدير إلى ميدان التحقيق والتطبيق، رسمت إطاراً مفتوحاً على المستقبل لمشروع دلالي أوسع يلج من خلال الدرس السيمائي إلى كل مجال من مجالات المعرفة والبحث العلمي، ويكفي أن نتأمل كتب أ.ج. غريماس) مثل كتاب "علم الدلالة البنيوي" 1966، "السيميوتيكا والعلوم الاجتماعية" 1976، "في المعنى" 1970، لندرك المصاف الذي بلغه علم الدلالة بعد ما كان علماً يفتقد إلى المنهج والموضوع معاً، إذ كان منشأه في إطار علم الألسنية العام.‏

يحتل اسم غريماس) مكاناً علياً ضمن الباحثين في الحقل الدلالي الحديث ويرجع ذلك إلى قدرته على تحقيق الرؤية في قراءاته النقدية للخطاب الأدبي، الشعري والنثري. لقد تجاوز غريماس المعطى الدلالي، الآني مفترضاً وجود معطى ممكن تتجلى فيه العوالم الدلالية التي تتمظهر في بنى دلالية، وعلى أساس وجود هذه العوالم يتم تنظير البنيات الدلالية والكشف عن آلياتها، وقد يطرح العالم الدلالي فرضية وجود البينة الدلالية والعوالم الدلالية فيقول: "يجب أن نفهم بالبنية الدلالية ذلك الشكل العام لنظام العوالم الدلالية- المعطى، أو الممكن، ذي الطبيعة الاجتماعية والفردية ثقافات أو أفراد) والسؤال عما إذا كانت البينة الدلالية ماثلة في عالم الدلالة أو تحضن هذا العالم"(12) . إن احتواء العوالم الدلالية في بناء من صنع ألسني للتعبير عنها يفترض وجود مشاكلة بين مستوى التعبير ومكوناته ومستوى المعنى وسماته"(13) . ذلك أن عالم المعنى يتمظهر في التلفظ articulation ويتموقع في البنى التعبيرية يوضح غريماس ذلك بقوله: "إن فرضية المشاكلة بين المستويين تسمح إذن بالنظر إلى بنية المعنى وكأنها تلفظ لعالم الدلالة حسب وحداته المعنوية الصغرى [أي السمات] وما يقابلها من سمات مميزة على مستوى التعبير، هذه الوحدات الدلالية مكونة بالطريقة نفسها المكونة بها سمات التعبير، من فئات سمات ثنائية"(14)‏

على الرغم من تباين آراء علماء الدلالة حول جوهر العملية الدلالية، فإن البحث الدلالي أخذ مسارات جديدة بعد وقوع التأكيد على أن اللغة هي نظام تتظافر فيه جملة من الأنظمة الفرعية كنظام البنى التركيبية، ونظام البنى المعجمية، والبنى الصوتية، والبنى الدلالية، ضمن نسق محكم أطلق عليه العلماء مصطلح النحو الكلي Universal Grammar)، واتجه الباحثون إلى الكشف عن هذا النسق وتحديد معالمه وسماته، وهذه مرحلة مهمة ارتقى إليها البحث الدلالي حيث "يلاحظ تشومسكي أن ما طبع البحث اللغوي في السنوات الأخيرة- هو تحول من العناية باللغة إلى العناية بالنحو، وهو تحول من تجميع العينات وتنظيمها أو دراسة لغة خاصة أو الخصائص العامة لكثير من اللغات أو كل اللغات إلى دراسة الأنساق التي توجد فعلاً في الدماغ وتساهم في تفسير الظواهر الملاحظة"(15) . وقد أسهمت فكرة تشومسكي في توليد جملة من الأفكار طُرحت كاستفهامات تقتضي أجوبة ولو على وجه الافتراض، من ذلك السؤال حول كيف تنتظم اللغة كجملة من البنى في شكل أنساق نظرية داخل الدماغ؟ إن وجود هذه الأنساق داخل الدماغ يترتب عليه الكشف عن المعرفة اللغوية الباطنية لمتكلم اللغة وضمنها الاهتمام بالجهاز الداخلي الذهني للمتكلمين عوض الاهتمام بسلوكهم الفعلي، وأقصى ما وصلت إليه البحوث اللغوية الدلالية هو بروز نموذج جديد للتفكير في نظام اللغة، المركب من أنساق مختلفة بحيث بزغ زمن التركيب مع نظرية تشومسكي(16) في النحو التوليدي التي تقوم على أساس تحليل السلسلة الكلامية إلى وحدات من الرموز، لتعيد تشكيل ليس السلسلة الكلامية وحسب بل سلاسل كلامية لا متناهية، وذلك إشارة إلى أن الدماغ البشري مركب فيه قواعد إنتاج لأحداث كلامية سليمة في التركيب والدلالة معاً، وعلى الرغم من أن تشومسكي قد أغفل في بحوثه الأولى النسق الدلالي إلا أنه تدارك ذلك، خاصة بعد تلك الإسهامات التي تقدم بها العالمان كاتر وفودور، وأعاد الاعتبار إلى الوظيفة الدلالية للتركيب،
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشق سلسبيل الجنة
مشرف
مشرف
عاشق سلسبيل الجنة


المساهمات : 136
تاريخ التسجيل : 23/11/2007

نشأة علم الدلالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: نشأة علم الدلالة   نشأة علم الدلالة Emptyالإثنين ديسمبر 03, 2007 3:34 am

مشكور أخي الكريم
هذا موضوع جدا رائع وبارك الله فيك وفي جهودك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحنيف
العضو الذهبى
العضو الذهبى
الحنيف


المساهمات : 98
تاريخ التسجيل : 25/11/2007

نشأة علم الدلالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: نشأة علم الدلالة   نشأة علم الدلالة Emptyالإثنين ديسمبر 03, 2007 3:26 pm

نشأة علم الدلالة 15
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نشأة علم الدلالة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى بيسان :: منتدى العلوم :: منتدى العلوم الانسانية-
انتقل الى: